کد مطلب:220029 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:307

فی آداب النوم والانتباه منه فی أحادیث أهل البیت
وفیه مقامات:

الأول: انه یستحب النوم باللیل فانه قرار البدن، بل یكره السهر الا للنفقة و طلب العلوم الدینیة، أو التهجد بقراءة القرآن والصلاة والدعاء، أو لیلة العرس، أو السفر [1] .

و یكره كثرة النوم و استیفاء اللیل به، فانها تدع الرجل فقیرا یوم القیامة، ممقوتا من الله عزوجل. [2] .

وورد أن كثرة النوم مذهبة للدین والدنیا، و أن الله یبغض كثرة النوم و كثرة الفراغ فینبغی الانتباه بعد نصف اللیل والاشتغال مقدارا من الزمان بالعبادة، و یكره النوم بین صلاة اللیل و الفجر، فان صاحبه لا یحمد علی ما قدم من صلاته، و لا بأس بالضجعة من غیر نوم و أشد كراهة من النوم فی ذلك الوقت النوم من طلوع الفجر الی طلوع الشمس. و قد ورد أنه یورث الفقر، و أن الله تعالی یقسم فی ذلك الوقت أرزاق العباد یجریها علی ید الأئمة علیهم السلام [3] ، فمن نام فی ذلك الوقت حرم من الرزق و لم ینزل نصیبه، وكان اذا انتبه فلا یری نصیبه احتاج الی السؤال والطلب، و أن الأرض لتعج الی الله تعالی من النوم علیها قبل طلوع الشمس، و أن نومة الغداة مشومة، تطرد الرزق، و تصفر اللون، و تقبحه وتغیره، و هو نوم كل مشوم، و أن النوم بعد الغداة خرق. أی حمق وضعف عقل وجهل - و أن ابلیس



[ صفحه 622]



انما یبث جنود اللیل من حین تغیب الشمس الی مغیب الشفق، و یبث جنود النهار من حین یطلع الفجر الی طلوع الشمس.

و ذكر أن النبی صلی الله علیه و آله وسلم كان یقول: أكثروا ذكر الله عزوجل فی هاتین الساعتین، فانهما ساعتا غفلة، و تعوذوا بالله عزوجل من شر ابلیس و جنوده، و عوذوا صغاركم فی هاتین الساعتین، فانهما ساعتا غفلة.

و ما ورد من أخبار الرضا علیه السلام بأنه ینام بعد صلاة الفجر محمول علی الجواز، أو جهة أخری، و مثل هذا الوقت فی كراهة النوم فیه ما بعد صلاة المغرب قبل صلاة العشاء، لأنه یحرم الرزق، و قد ورد عن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم أنه قال: دخلت الجنة فوجدت قصرا من یاقوت أحمر یری باطنه من ظاهره لضیائه ونوره، وفیه قبتان من در و زبرجد، فقلت: یا جبرئیل! لمن هذا القصر؟ فقال: لمن أطاب الكلام، و أدام الصیام، و أطعم الطعام، و تهجد باللیل والناس نیام، ثم فسر صلی الله علیه و آله وسلم اطابة الكلام بقول: سبحان الله والحمدلله و الله أكبر. و ادامة الصیام بصوم جمیع شهر رمضان. و اطعام بطلب ما یكف به وجوه عیاله عن الناس. والتهجد باللیل والناس نیام بعدم النوم حتی یصلی العشاء الآخر، قال صلی الله علیه و آله وسلم: و یرید بالناس هنا الیهود والنصاری و غیرهم من المشركین لأنهم ینامون بینهما.

و یكره النوم بعد العصر، فقد ورد أنه حماقة، و أنه یورث السقم.

و یستحب نوم القیلولة، وهو النوم نصف النهار، أو بین الضحی ونصف النهار، و قد ورد أن القیلولة نعمة، و أنها نعم العون علی یقظة اللیل وعبادته، وورد الأمر بالقیلولة معللا بأن الشیطان لا یقیل.

و قد أمر رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم من عرضه النسیان بالعود الی ما كان متعودا به من القیلولة،فعاد الیه فعادت حافظته.

ویكره النوم علی سطح غیر محجر [4] و هكذا النوم فی بیت لیس عیله باب و لا ستر.



[ صفحه 623]



و یستحب عند النوم. سیما فی اللیل - غلق الأبواب، وایكاء السقاء، و تغطیة الاناء، فان الشیطان لا یكشف غطاء، و لا یحل وكاء.

وورد أن الآنیة اذا لم تغط یبزق فیها الشیطان و یأخذ منها، وورد الأمر بحبس المواشی والأهل فی الدار حین تجب الشمس الی أن تذهب فحة [5] العشاء.

ویكره النوم وحده، لما مر من أن أجرأ ما یكون الشیطان علی الانسان اذا كان وحده، و أن من نام وحده یتخوف علیه الجنون، وقد لعن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم النائم فی البیت وحده، وورد كراهة أن یبیت علی سطح وحده، و من اضطر الی النوم وحده فلیكثر ذكر الله سبحانه عند المنام ما استطاع، و یستصحب القرآن المجید، و لیقل: «اللهم آنس وحشتی و وحدتی» ولیقل أیضا: «یا أرض ربی وربك الله، أعوذ بالله من شرك وشر ما فیك، و من شر ما خلق فیك، و من شر ما یحاذر علیك، أعوذ بالله من شر كل أسد و أسود وحیة و عقرب من ساكن البلد و من شر والد و ما ولد، أفغیر دین الله یبغون و له أسلم من فی السموات والأرض طوعا وكرها والیه ترجعون، الحمد لله بنعمته وحسن بلائه علینا، اللهم صاحبنا فی السفر و أفضل علینا فانه لا حول و لا قوة الا بالله» ثم یقرأ سورة التكاثر، فانه ان فعل ذلك لم یؤذه شی ء من السباع والهوام والحیات والعقاب، و لو بات علی الحیة باذن الله عزوجل.

ویكره ابقاء النار فی البیت عند النوم، و كذا یكره ابقاء السراج فی البیت عند النوم، للأمر باطفائه حینئذ معللا بأن الفویسقة. یعنی الفارة - تجرها و تحرق البیت و ما فیه، و مقتضی هذه العلة عدم كراهة ابقاء السراج الذی لا یمكن جر الفارة له و احراق البیت، كالشمعة فی الفانوس المسدود بابه. نعم لا یبعد جریان الكراهة فی سرج النفط التی قد تحترق بنفسها.

ویكره النوم وفی الید غمر الطعام، فانه ان فعل ذلك فأصابه لمم الشیطان فلا یلومن الا نفسه.

ویكره النوم علی الطریق، لنهی أمیرالمؤمنین علیه السلام عنه.



[ صفحه 624]



والمشهور بین الفقهاء رضوان الله علیهم كراهة النوم فی المساجد. و هو ظاهر بعض الأخبار الا أن جملة من الأخبار تأبی عن ذلك، و لا شك أن الاجتناب أولی. [6] .

ولیكن النوم نوم المتعبدین الأكیاس الذین ینامون استرواحا، وهم الذین ینامون بعد الفراغ من أداء الفرائض والسنن والواجبات من الحقوق، فانه نوم محمود، ولیس فی هذا الزمان و أمثاله أسلم من هذا النوم، و احذر من أن یكون نومك نوم الغافلین الخاسرین، و هو النوم عن فریضة أو سنة أو نافلة أتاه سببها.

و أحسن أصناف النوم للمؤمن النوم علی الیمین مستقبل القبلة علی حالة المیت فی اللحد فان النوم علی أربعة أصناف:

نوم الأنبیاء: و هو النوم علی القفاء مستلقیا مستقبلا بباطن كفی الرجلین القبلة.

و نوم المؤمنین: و هو علی ما وصفناه.

و نوم المنافقین: و هو النوم علی الشمال، وفی بعض الأخبار أنه نوم الملوك و أبنائها لیستمرئوا ما یأكلون.



[ صفحه 625]



و نوم ابلیس و جنوده و كل مجنون و ذی عاهلة: وهو النوم علی الوجه منبطحا، و ظاهر بعض الأخبار أن من كان أكله ثقیلا فالراجح له أن یتمدد أولا علی جانبه الأیمن مدة، ثم ینقلب علی الأیسر و ینام علیه.

و یكره النوم للجنب الا بعد الغسل، للنهی عنه، و لأنه لا یعلم ما یطرفه فی رقدته، فان لم یجد الماء أو ضره فلیتیمم، و تخف الكراهة بالوضوء.

و یستحب للمحدث بالحدث الأصغر أن یتوضأ اذا أراد أن ینام، لأن من نام علی طهارة فكأنما أحیی اللیل [كله]، و من تطهر و أوی الی فراشه و فراشه كمسجده، ولم یزل فی صلاة ما ذكر الله، فان أوی الی فراشه، ثم ذكر أنه لیس علی وضوء أجزأه أن یتیمم من دثاره كائنا ما كان، و لا یلزمه أن یقوم و یتوضأ. و قد ورد عن أمیرالمؤمنین علیه السلام النهی عن النوم الا علی طهور، قال علیه السلام: فان لم یجد الماء فلیتیمم بالصعید، فان روح المؤمن تروح الی الله عزوجل فیلقاها و یبارك علیها، فان كان أجلها قد حضر جعلها فی مكنون رحمته، و ان لم یكن أجلها قد حضر، بعث بها مع أمنائه من الملائكة فیردها فی جسده.

و یستحب لمن أراد أن یأوی الی فراشه أن یمسحه بطرف ازاره دفعا لاحتمال أن یكون موذیا علیه، فانه لا یدری ما حدث بالفراش قبله.

و ینبغی لمن أراد النوم أن یحاسب نفسه و یستغفر مما صدر منه، و یصلح ما فات منه و یفرض نفسه كأنه یرید أن یموت، و یتشهد الشهادات، فان النوم أخو الموت، و قد لا یقوم من رقدته، و كذا ینبغی له أن یلتفت الی أنه عبد مملوك حقیر یرید أن ینام و یمد رجلیه و ینبسط فی الحركات والسكنات بین یدی مالك عظیم كبیر فیتأدب قولا و فعلا، فكلما یتأدب و یتذلل كان مولاه أهلا له و كان العبد أصغر و أحقر محلا، و أن ینوی بنومته أن یتقوی بها فی الیقظة علی طاعة الله و علی ما یراد فی تلك الحال من العبودیة والذلة.

و یستحب أن یستاك قبل النوم تأسیا بالنبی صلی الله علیه و آله وسلم، و أن یضع یده الیمنی تحت خده الأیمن عند النوم، للأمر به معللا بأنه لا یدری أینتبه من رقدته أم لا.



[ صفحه 626]




[1] مستدرك وسائل الشيعة: 1 / 352 باب 34، حديث 7، بسنده قال رسول الله صلي الله عليه و آله وسلم: لا سهر الا في ثلاث: متهجد بالقرآن، أو طالب العلم، أو عروس تهدي لزوجها.

[2] الخصال: 1 / 89 حديث 25، وبسنده عن أبي عبدالله 5 قال: ثلاث فيهن المقت من الله عزوجل: نوم من غير سهر، وضحك من غير عجب، و أكل علي الشبع.

[3] وسائل الشيعة، 4 / 1065 باب 36، حديث 11، بسنده عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين 4. في حيدث - قال: لا تنامن قبل طلوع الشمس فاني أكرهها لك، ان الله يقسم في ذلك الوقت أرزاق العباد، علي أيدينا يجريها.

أقول: من معتقدات الشيعة الامامية رفع الله تعالي شأنهم و أهلك عدوهم أن النبي و أهل بيته المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين هم الوسائط بين الخالق والخلق، و كل خير يفيضه الله تعالي علي عباده فهم وسائط في الفيض، والوسيلة الحقيقية، والموضوع يستدعي بحثا مسهبا ليس هذا محله، و من شاء ذلك فليراجع الكتب الكلامية والحديثية.

[4] المحاسن: 622 باب 6 حديث 66: بسنده عن أبي عبدالله 5 في السطح يبات عليه غير محجر؟ فقال: يجزيه أن يكون مقدار ارتفاع الحائط ذراعين. و حديث 67، بسنده عن أبي عبدالله 5 قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله وسلم: من بات علي سطح غير محجر فأصابه شي ء فلا يلومن الا نفسه.

[5] فحة العشاء: أي حرارة العشاء، يقال: فحة الفلفل أي حرارته.

[6] كراهة النوم في المساجد مصرح به من جل الفقهاء كالشيخ والحلي والفاضل والشهيد والمحقق الثاني والسيد بحر العلوم قدست أسرارهم و غيرهم، بل هو المشهور عند المتأخرين، و استدلوا علي الحكم بأمور:

أولا: حديث: انما نصبت المساجد للقرآن: و من نام في المسجد ابتلاء الله ببلاء لا زوال له.

وثانيا: من كراهة دخول الصبيان و من في فيه رائحة النوم والبصل كراهة النوم.

و ثالثا: من مخالفة النوم لتوقير المسجد، و مظنة خروج الريح، والحديث من النائم.

و رابعا: من آية (لا تقربوا الصلوة و أنتم سكري) بناء علي أن المراد مواضع الصلاة التي هي المساجد، و من السكاري النوم.

والاستدلال بكل من هذه الأدلة علي الحكم ضعيف جدا، لمناقشات اما في اسنادها و دلالتها، لكن الانصاف ثبوت الكراهة، و ذلك لا من باب التسامح في أدلة السنن فانه غير سديد، بل من حيث حصول الاطمئنان بالحكم من ملاحظة مجموع الروايات والمناسبات و أقوال الفقهاء، والله العالم.